مدينة وادي لو
�
تعرف مدينة وادي لو بقريتها التاريخية للصيادين وهي تقع في الشمال الغربي من المغرب على ساحل المتوسط، كما أنها منتجع استثنائي في جهة طنجة – تطوان، على بعد 44 كيلومتر من تطوان، ويعشقها على حد سواء السياح من داخل الوطن ومن خارجه.
وتتموضع القرية في نقطة جذابة حيث يلتقي نهر " وادي لو " والبحر الأبيض المتوسط، عند سفوح جبال الريق الشامخة، وهي نتاج العناق الأبدي الذي نحتته الطبيعة مبدعة جمالا عفويا يمكن ليد الإنسان أن تساهم في المحافظة عليه .
ويوجد بمدينة وادي لو الصغيرة، واحد من أجمل وأكثر الشواطئ هدوءا في المنطقة، والمعروف بالاستقبال المميز لزواره من طرف سكان المنطقة، زد على دلك فواكه البحر الطازجة ونقاوة المياه التي تجعل من " وادي لو " وجهة مفضلة عند الكثيرين .
ويهدي الطريق المتعرج الذي يقود نحو " وادي لو "، بين الجبال والبحر الأبيض المتوسط، مناظر طبيعية رائعة ، كما لو تعلق الأمر بشرفة� حقيقية للتأمل التي تذوب في شساعة البحر المتوسط ، أو كما عرف كذلك عبر التاريخ ب " بحرنا mare nostrum ".
وينطلق نهر " وادي لو " من الكتل الصخرية بشفشاون ليصب في البحر الأبيض المتوسط كاشفا عن أسرار الحضارات الانسانية التي سكنت وسط هده الهضبة الخصبة الشاسعة، التي كانت نؤمن لهم الطرائد والفواكه الآزمة للاستقرار والعيش.
عرفت المنطقة تواجد الإنسان في جميع الأزمنة، مند عصور ما قبل التاريخ إلى القرون الوسطى والعصر الحديث، كما يتضح دلك من مواقع مثل موقع " قشقوش " الأثري ومقبرته الجماعية، أو مسجد ترغة التاريخي وحصن " ترغة " الذي يعود لفترة القرون الوسطى، وهي قلعة فريدة من نوعها تطل على شاطئ ترغة الجميل الممتد على بضع كيلومترات ، وقد بنيت في القرن الخامس عشر فوق نتوء صخري، وهي تشكل تراثا معماريا متميزا يعكس روح المقاومة ضد أطماع الغزاة خلال القرون الوسطى .
ولا تزال بعض المآثر التي تعود لعهد الحماية الاسبانية تقاوم الزمن وتبرز الدور الهام الدي لعبه مركز وادي لو خلال هده الفترة لمراقبة قبائل " غمارة " و " بني سعيد " و" بني حسان " .
�� واليوم أضحت " وادي لو " – التي تحميها جبال الريف – مدينة سياحية بامتياز بفضل شاطئها الممتد على طول سبع كيلومترات، وبفضل الأنشطة الثقافية كالمهرجانات والمواسم التراثية التي تنظم بها، ويعيش سكانها خلال باقي فترات السنة ، بعد انقضاء الموسم السياحي، حصريا وتقريبا، على الصيد التقليدي والفلاحة وحرفة إنتاج الفخار التي تزاولها النساء .
فخار " وادي لو " : فران علي
وصفت المنتجات الفخارية التي مصدرها قرية " فران علي " بأنها " حرفة يدوية نسائية " فالنساء الحرفيات اللواتي يصنعن الفخار في قرية " فران علي " بمنطقة " وادي لو" يحتفظن بخبرات ومهارات عريقة تنقلها ، عبر العصور ، الأمهات بأمانة الى بناتهن وحفيدتهن .
ويتعلق الأمر بمنتجات فخارية قروية ، تصنع من قبل نساء القرية ، اللواتي يحافظن بأمانة على تقنية ظهرت قبل 6000 سنة . ويعود الفضل في المحافظة المستميتة على هدا التراث الحرفي إلى هؤلاء النسوة القرويات اللواتي يبدعن منتوجات فخارية ويتناقلن تلك المعارف جيلا بعد جيل .
وما زلن يصنعن أدوات نفعية صالحة لأسلوب الحياة القروي ، كما يبدعن أيضا منتجات غاية في الروعة الفنية ... كل قطعة فريدة من نوعها تعكس المهارة الفنية للمرأة المبدعة لصناعة الفخار بقرية " فران علي " . وتعرف هده المنتجات والقطع الفخارية حاليا رواجا كبيرا على الصعيد الوطني ويتهافت على اقتنائها السياح ، المحليون منهم والأجانب.
الصيد التقليدي
إذا كانت شواطئ شمال المغرب تشتهر بجمالها ، فشاطئ " وادي لو " يتميز عنها بالإضافة إلى دلك ، بكونه واحدا من أكثر شواطئ حوض البحر المتوسط هدوءا ووداعة . وتعتبر قرية الصيادين الصغيرة هده ، بصفوف قوارب الصيد التقليدية المنتظمة والرابضة على حصى شاطئها الهادئ ، وجهة مثالية لمحبي السمك الطازج ولهواة الصيد بالقصبة والصنارة .
حياة بسيطة، صحية وهادئة
في هذه المنطقة ذات المؤهلات الوفيرة، يمثل قضاء عطلة في " وادي لو " فرصة حقيقية للتخلص من ضغوطات المدينة وصخبها ، بفضل قربها من مدينتي طنجة وتطوان وشفشاون . وتنتشر المطاعم الشعبية الصغيرة ، على بعد أمتار قليلة من الشاطئ أو بداخل سوق القرية ، وتقدم وجبات " الطواجن بالسمك اللذيذ " ، المقدم في طبق خزفي بيضاوي الشكل يدعى " تاكرا " . وتحضر هده الوجبات السمكية وفق الطريقة المحلية مع خليط من الثوم والبقدونس والزعتر والفلفل وعصير الليمون ......انه طبق يستعذبه ويستلذ به الذواقون .
وادي لو وسوق السبت
سوق السبت، هو سوق قروي أسبوعي، ينعقد كل يوم سبت ، في ضاحية " وادي لو"، سوق أسبوعي يشتهر ب " سوق السبت " ، وفيه تباع مجموعة متنوعة من المنتجات المحلية والمنتجات الطبيعية، مثل الخضار والفواكه والبقول والدواجن والماعز والبيض الطازج والحلويات القروية ، إلخ.
�� وفي جانب آخر من السوق ، تجذبنا المصنوعات الفخارية البسيطة كقطع فخار " فران علي " التي تفننت نساء القرية التي تحمل الاسم نفسه في صنعها . كما يمكن أيضا العثور في " سوق السبت " على الأقمشة القطنية ذات الألوان الزاهية والمسماة ب " المنديل " والقبعات المحلية المعروفة ب "تزارا "، وتشتهر في المنطقة نظرا لأهميتها في الوقاية من الشمس ، خلال فصل الصيف .
وتكثر في هذا السوق الرائج، الذي يدهشك بألوان معروضاته كالبضائع والسلع المختلفة التي يستقدمها القرويون من الشمال، وعلاوة على ذلك، تعتبر زيارة سوق السبت ضورية عند السفر لإقليم تطوان. والسبب هو أن سوق السبت واحد من أكبر أسواق الشمال النموذجية لأنه يمثل المغرب في أبهى مظاهره الطبيعية والتراثية. ويعتبر هذا السوق مكانا مفضلا للقاء، والعلاقات الاجتماعية محلية كمواقف الحمير والبغال التي يتنقل بها سكان المناطق المعزولة ويستخدمونها للقيام بالتسوق الأسبوعي .
وادي لو، مؤهلات سياحية استثنائية
تعتبر " وادي لو" فضاء استثنائيا لمعانقة الطبيعية على مقربة من المدن . والزائر للمنطقة الشمالية من المغرب ، لابد له من زيارة حوض " وادي لو " ، الذي يحده البحر الأبيض . كما تتوفر " وادي لو " على جميع الشروط� اللازمة لجعلها منطقة سياحية جذابة كالمناخ المتوسطي ، والبيئة الفريدة من نوعها ، وطبيعة أصيلة تدعو لاستكشافها مشيا على الأقدام لمسافات طويلة أو على الدراجات الهوائية ، أو على الدراجات رباعية العجلات أو على السيارات رباعية الدفع . في قلب بيئة أخاذة ، يكشف " وادي لو " عن كنوزه الطبيعية ومناظره الخلابة المتنوعة لعاشقي الطبيعة والمغامرة .
خلال العشرية الأخيرة ، شهدت " وادي لو " تحولا نوعيا بفضل برنامج التنمية الحضرية الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب . مما حول قرية وادي لو الى هذه المدينة المتوسطية الساحرة ببنيتها التحتية اللازمة والمتطورة لاستقبال الزوار في أحسن الظروف، خصوصا خلال مهرجان " للمة " الثقافي الذي ينظم في سهر غشت من كل سنة، والذي يمنح فرصة حقيقية للغوص في التقاليد المغربية لأهل جبالة وغمارة .