إخواني أخواتي بوادي لو أستسمحكم و أستأذنكم لاختياري هذه الوابة لمحاورتكم عن "الاختيار"، من دون القنوات التقليدية الأخرى، إذ اخترنا و إياكم أخيرا أن تكون هذه البوابة الإلكترونية مساحة مشتركة بين كل أطياف المجتمع للقاء والتشاور و الترافع و التعاضد و التنافر و التناصح و التنوير و الإرشاد و الانتقاد و التخابر.
إخواني أخواتي الوادلاويين : حكى لي مواطن اكتسب صفة الإنتماء لهذه البقاع لفرط حبه لذرات ترابها فأوتد خيمته في صخور مكاد، أن الحركة الهيبية في وجهتها نحو المملكة المغربية في الستينيات من القرن الماضي، تنظيما لحجتها الصيفية نحو موكادور للوصال و النهل من النغم الإفريقي، و ممارسة طقوسها الأخرى.... نفورا من ضباب عواصم الشمال بالقارة الأوروبية، تتبضع قوافلها بوادي لو و تشحن خزاناتها الروحية .
يبدو إذن أن هذا "الاختيار" - لأتباع و مريدي تيار فلسفي و روحي و أخلاقي و حضاري طبع أجيال في كل بقاع العالم، و كأن له تأثير على التركيبة النفسية و السلوكية لجيل بالمغرب - بحط الرحال بوادي لو لم يكن وليد الصدفة، و ليس بعشوائية في "الاختيار".....
�
لماذا نعتقد ذلك ؟....لأن كتب التاريخ التي خلدها للعارفين المؤرخ بطليموس تحدث عن وادي لو كاختيار استراتيجي لحضارة الرومان في امتدادها عمقا في البر، فجعلها حدا فاصلا لتربص شعوب البربر ......
ولان التوسع الكولونيالي الإسباني بشمال المغرب رسخ الإختيار على وادي لو كقاعدة عسكرية موصولة بحرا و جوا و برا بالعاصمة تطوان و بالثغر سبتة لتأمين حملاته العسكرية على كل التراب الشمالي بالساحل قبل الوصول إلى الحسيمة، فشاطئها و نهرها و سهلها و جبالها جعلت من هذه القاعدة استثناء اسراتيجيا لغرس براثينه الغاشمة و تكريس مخططه في الهيمنة و السيطرة على رقعة واسعة من تراب المملكة الشريفة بالشمال .
اختارت وادي لو ان تنجب رجالا و تحضن آخرين من طبقات العلماء و الفقهاء و القضاة، تناول جزءا من سيرهم الدكتور عبد الله المرابط الترغي في إحدى محاضراته بمناسبة تنظيم الشق الثقافي من مهرجانها الصيفي.
اختارها العالم الصوفي و مربي الأجيال و المعلم التهامي الوزاني لإطلاق مشروعه التربوي الرائد و التقدمي بمدرسته "البوليتكنيك" بالقصبة للتنظير العلمي و التكوين المهني و إرساء مفاهيم أقرب ما تكون إلى قواعد نستهلكها في حاضرنا، كالتنمية المستدامة و التنمية البشرية و التنمية المحلية .
و المعاصرون للمرحلة ما يزالون شاهدين على هذا "الاختيار" الفريد و الأوحد بإقليم تطوان، الذي سبق زمانه في منطقة طرية العهد بالاستعمار و الإقطاع و التخلف و الجهل.
و لعدة عقود اختارها التخلف و التهميش و النسيان و الإقصاء و الحجر و الوصاية ولم تكن من المغرب النافع فبقيت حبيسة الإهمال فضاعت القيم و اندثرت الكفاءة و أفل الأمل...
و مع بزوع فجر العهد المحمدي المنير و منذ اعتلاء أمير المؤمنين محمد السادس - أيده الله - عرش أسلافه الغر الميامين، تمكنت وادي لو من حقها في "الاختيار" فاختارت - بكل فخر و اعتزاز متشبثة كما كانت دائما بفروض الطاعة و الولاء - أن تبادل السدة العالية بالله الحب بالحب، مما تبلور في وصال العاهل المفدى خلال زيارتين تاريخيتين ميمونتين، نقشتها أنفس و عقول المواطنين بوادي لو بحبر من ذهب وبمداد الفخر والإعتزاز.
أمطرت سماء الحب و الولاء و الوفاء المتبادل بين العرش و الرعية بوادي لو نماء و تنمية و بناء و اصلاحا و هيكلة و مواصلات و شغلا، انصافا و ردا للاعتبار. فكان أفضل الاختيارات لهذه الأرض الوفية المجاهدة التي سقت دماء المجاهدين الزكية ثراها الطاهر فداء للوطن .......
و حتى لا أقع في الابتذال و الإطالة و التكرار فيما يخص" الاختيار" دعوتي إلى سكان و ادي لو - وكل من شاءت الظروف أن تربطهم بها صلة من الصلات، أن تكون اختياراتهم -معنوية كانت أو مادية - ألا ينسوا مقولة المجذوب الداخل إليها سعيد و الخارج منها سعيد و الطاغي فيها يموت بالحديد.
الهدف الذي قطعنا العهد على أنفسنا أن لا نحيد عن بلوغه او نزيحه عن نظرنا؛ أن لا نوقف مسار القافلة حتى يضحى "الاختيار" معادلا للإعتراف.